في ليلة الواحد من اغسطس وتقريبا الساعة 8:47 م، كنت في الطابق العلوي من منزلي المنعزل تمامًا عن المدينة، أتحدث مع المحامي الخاص بي في كندا تحت النجوم، أتابع معه شؤون العمل في مكالمة طارئة. فجأة، وبينما لا يزال الهاتف في يدي، لمحت في السماء كائنًا غريبًا يشع نورًا أزرق وأصفر وأبيض، يتحرك بانسيابية فريدة وكأنه يسبح داخل قبة زجاجية عملاقة فوق رؤوسنا. توقفت عن الكلام في لحظة ذهول حقيقي، وقلت بصوت مرتفع: “ما هذا؟ هناك شيء غريب في السماء!” لم أتمالك نفسي من الدهشة حتى أسرعت أنادي زوجتي لتخرج وترى هذا المشهد النادر. خرجنا معًا إلى فناء المنزل، وظللنا مذهولين؛ نتابع الكائن وهو يتحرك بلا صوت ولا أثر ميكانيكي، في خط مقوس هادئ لا يشبه حركات الطائرات أو الدرون ولا حتى مشاريع إيلون ماسك، بل بدا كائنًا حيًا في طبقة خاصة لم أتصور وجودها من قبل.
ظللت طوال الليل أبحث في كل تكنولوجيا حديثة، في مقاطع الفيديو، وفي صور ناسا ومشاريع الفضاء العالمية، فلم أجد ما يفسر ما شاهدناه. كل الفرضيات الحديثة التي تقول إن كل ما في السماء هو من صنع الإنسان أو التقنيات الفضائية لم تصمد أمام ما رأيناه أنا وزوجتي بأعيننا ووجداننا.
هنا تذكرت يقيني القديم؛ منذ أكثر من عشر سنوات وأنا أشكك في كثير مما يُدرّس في علوم الأرض والسماء. كمهندس، طالما كان يتملكني سؤال عميق كلما قرأت في القرآن قوله تعالى:
﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ [الرعد: 2]
كيف يكون السقف بلا أعمدة؟ في الهندسة لا نعرف بناءً يمكن أن يحمل سقفًا بلا أعمدة إلا القبة، فالقبة وحدها توزع الأحمال دون الحاجة لدعامات مركزية، وتمنح البناء اتساعًا وثباتًا دون أعمدة مرئية. هكذا عرفت أن السماء مرفوعة كقبة عظيمة، وأن “بلا عمد” هنا معجزة هندسية لا يُدركها إلا من خبر العمارة وعلوم البناء. ولهذا بنيت المساجد والقصور الكبيرة في التاريخ على هيئة قباب، لأنها أكثر الأشكال الهندسية قدرة على البقاء والثبات دون أعمدة.
كل الحضارات القديمة رسمت السماء قبة فوق الأرض المسطحة، وهذا هو النموذج الفطري والعقلي والهندسي الذي يستحيل تقليده في أي سقف آخر. القرآن حين وصف السماء بأنها “سقف محفوظ” و”سبع سماوات طباقًا” كان يصف حقيقة هندسية وروحانية وفطرية لم يسبق للإنسان أن أدركها.
تذكرت أيضًا أن معظم ما يُدرس لنا اليوم في الفلك هو في جوهره فرضيات قديمة تبناها فلاسفة مثل أرسطو وبطلميوس، وظلت تتكرر حتى صار من ينتقدها موضع سخرية أو إنكار. لكن الأصوات الصادقة في تراثنا لم تغب، وأوضحها الإمام القحطاني في نونيته العظيمة:
٢٣١- كذب أرسطاليسهم في قوله … هذا وأسرف أيما هذيان
٢٤٥- كذب المهندس والمنجم مثله … فهما لعلم الله مدعيان
٢٤٦- الأرض عند كليهما كروية … وهما بهذا القول مقترنان
٢٤٧- والأرض عند أولي النهى لسطيحة … بدليل صدق واضح القرآن
هذه الأبيات تصف موقف القحطاني والعلماء الراسخين أن الأرض مسطحة كما صرح القرآن، وأن دعاوى الكروية والفضاء المطلق والفراغ أكاذيب أو اجتهادات بلا أصل.
وقد أثبت القرآن بوضوح لا يقبل التأويل:
﴿وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ﴾ [الغاشية: 20]
﴿أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ مَدَّ اللَّهُ الْأَرْضَ﴾ [الرعد: 3]
﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا﴾ [نوح: 19]
﴿وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ﴾ [الانشقاق: 3]
﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا﴾ [الأنبياء: 32]
﴿سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا﴾ [الملك: 3]
وفسر جمهور العلماء – الطبري، القرطبي، ابن كثير وغيرهم – أن السماوات سبع طبقات قباب متراكبة، والأرض كذلك سبع طبقات بعضها فوق بعض، لكل طبقة نظامها وأمرها وسكانها ودوابها، كما قال تعالى:
﴿فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾ [فصلت: 12]
وجاء في السنة الصحيحة:
“من ظلم قيد شبر من الأرض طُوِّقه من سبع أرضين.” (البخاري)
“الأرضون سبع بين كل اثنتين خمس مئة عام.” (البيهقي)
فكيف تتوزع هذه الطبقات؟ وماذا عن دوابها وسكانها؟
طبقات الأرض السبع (من الأعلى إلى الأسفل):
- سطح الأرض:
البشر، الحيوانات، النباتات – عالم الحياة اليومية والعمران.
- التربة العليا:
الديدان، الحشرات، النمل، الفطريات – عالم التدوير والتحليل الحيوي.
- التربة العميقة:
البكتيريا الدقيقة – تثبيت الجذور، إعادة تدوير المعادن.
- طبقة الصخور:
بكتيريا صخرية وفطريات دقيقة – الحماية وتخزين المياه الجوفية.
- الطبقة النارية/الحرارية:
ميكروبات شديدة الحرارة (علميًا مثبت) – تدوير المعادن والطاقة الجوفية.
- عالم الجن (كما ورد في السنة):
عوالم خفية لا يعلمها إلا الله.
- الأرض السفلى/الغيبية:
عالم غيبي دلت عليه النصوص النبوية، ولا يدركه العلم.
طبقات السماء السبع (من الأسفل إلى الأعلى):
- السماء الدنيا (القبة الأولى):
هي القبة الأقرب إلينا؛ فيها الشمس والقمر (يجريان فوق الأرض)، وتوجد فيها أنواع نادرة من الكائنات الهوائية ودواب شفافة أو طاقية، مثل الكائن القنديل الذي رأيته بعيني.
هذه الطبقة تقع فوق مجال الطيور والسحب وأقل من مجال النجوم والكواكب، فهي “السقف المباشر” للأرض. هي الطبقة التي ذكرها الله بقوله:
﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ﴾ [الصافات: 6]
أي أن الكواكب والنجوم خارج هذه القبة، لا تصل إليها مخلوقات الأرض ولا آلاتها، بل ما يوجد فيها خلق خاص. الكائن القنديل كان يسبح في الطبقة العليا من القبة الأولى (السماء الدنيا)، وهو من دواب السماء الذين بثهم الله كما بث دواب الأرض:
﴿وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ﴾ [الشورى: 29]
- السماء الثانية:
كائنات هوائية شفافة، ملائكة موكلة بأوامر الله.
- السماء الثالثة:
طبقة الحماية من الشهب، مجال البرق والصواعق.
- السماء الرابعة:
مجال النور والطاقة، أشعة الشمس.
- السماء الخامسة:
ملائكة التسبيح وخدمة الأوامر العليا.
- السماء السادسة:
طبقة الأرواح والملأ الأعلى والملائكة الكبار.
- السماء السابعة:
فوقها الماء العظيم، وعليه عرش الرحمن، وفيها الملائكة المقربون واللوح المحفوظ.
كل هذه الطبقات مأهولة بالحياة، ولكل طبقة دوابها وملائكتها وسكانها وحكمتها، وهذا ليس من الأساطير ولا من الخيال، بل جاء في القرآن والسنة وأجمع عليه جمهور المفسرين:
قال ابن عباس: “ما خلق في السماوات من الملائكة وما في الأرض من دابة.”
وقال مجاهد: “كل دابة في السماء كدابة في الأرض.”
أما النجوم والكواكب فهي زينة فقط، ليست من سكان السماء الدنيا ولا قبتها، بل مشهد جمالي خارجي لا تدركه البشرية ولا تؤثر فيه.
وفي كل هذا، تأتي حقيقة أن كل الصور المعروضة للأرض والكواكب إما صور مركبة بالحاسوب (اعترفت بها ناسا رسمياً باسم “composite”) أو رسوم بيانية لا أصل لها، ولم تثبت التكنولوجيا البشرية القدرة على تجاوز سقف السماء الدنيا أو الصعود للقمر بشكل قاطع، وكل مزاعم الصعود للقمر فُقدت تكنولوجيتها (كما صرح مدير ناسا دونالد بيتتي 2016).
ذلك الكائن السماوي الذي رأيته، في الطبقة العليا من السماء الدنيا، كان رسالة إلهية أن للكون نظامًا أعظم وأعجب من كل نظريات البشر، وأن لكل طبقة حياة وأمرًا وشأنًا، ولكل مخلوق طريقًا، وأن الأعظم هو العودة للفطرة والقرآن والتسبيح والتفكر.
وأحب أن أنبه في الختام أن تصنيف هذه الطبقات وما ورد عنها هو اجتهاد فكري نظري شخصي، مستند إلى الآيات والنصوص وأقوال العلماء وتجربتي الحية، لكنه قابل للصقل والتعديل كلما ظهرت اكتشافات ومشاهدات جديدة، فالعلم باب مفتوح وأسرار الخلق لا تنتهي، والله أعلم.
﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [النمل: 88]
﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾ [المدثر: 31]